top of page

نحو منظومة غذاء ذات أثر مجتمعي مستدام

مع تزايد حالات كورونا 19 في جميع أنحاء العالم، كانت الغريزة الفورية لكثير من الناس هي التأكد من أن لديهم ما يكفي من الغذاء. تعد لقطات أرفف متاجر البقالة الفارغة والمطاعم المغلقة تذكيراً مؤلماً لمدى اعتمادنا على المنظومة الغذائية وأهمية الطعام في حياتنا. انها فرصة للتفكير في التحول المطلوب إذا أردنا تطوير منظومة غذائية تغذي جميع الناس، وتجدد البيئة وتحافظ عليها، وتعزز مرونة المجتمعات وازدهارها. فيما يلي خمس تأملات:

  • من المهم أن ندرك أن أزمة كورونا بدأت من سوق غذاء. لا نعلم على وجه اليقين حتى الآن كيف انتقل الفايروس من مُضيفه الأصلي إلى سوق الطعام ثم إلى البشر، ولكن من المحتمل أن تكون منظومة الغذاء متورطةً بطريقة ما. إن حقيقة أن المرض بدأ على الأرجح في سوق للحيوانات البرية هو أيضاً تحذير من أنه لا يمكننا الاستمرار في استغلال والتعدي على المناطق الطبيعية المتبقية من العالم. هناك عواقب وخيمة يجب دفعها إذا لم نجد توازناً مع الطبيعة مستداماً ونعترف بقيمة العالم الطبيعي.

  • أرفف البقالة الفارغة في بعض البلدان ليست فقط نتيجة ميل الإنسان إلى الاكتناز في أوقات الخطر، ولكنها تذكير مهم بأن سلاسل الإمداد الغذائي لدينا يمكن أن تتعطل وأن العديد من أنظمتنا الغذائية تفتقر إلى المرونة والوفرة. تعتمد أجزاء كثيرة من العالم على أنظمة شديدة المركزية، على حساب أنظمة غذائية محلية وإقليمية قوية يمكنها توفير قدرة تخزين أفضل عند الحاجة. نحن نعيش في منظومة غذائية عالمية، وهي حقيقة لن تتغير. لكن يمكننا تصميم هذا الاقتصاد العالمي بطريقة تدعم المرونة المحلية والإقليمية والاستفادة من مزايا الترابط العالمي للتخفيف من الصدمات المستقبلية. وسيتطلب ذلك دعم الزراعة الصغيرة والمتوسطة التي تنتج تنوع الأطعمة اللازمة لنظام غذائي صحي.

  • كشفت أزمة كورونا كذلك عن قصر منظومة الغذاء التي لم تنجح في تغذية أغلبية سكان العالم بشكلٍ كافٍ. يعطي القطاع الغذائي اليوم أولوية للسعرات الحرارية الرخيصة والعائد الربحي المرتفع، ولكنه يعزز عن غير قصد السمنة ومرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية من بين العديد من الأمراض الأخرى، وكل ذلك يضر بصحة المناعة. سيعاني الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة مثل أكثر من 347 مليون مصاب بداء السكري أو 820 مليون ممن لا يمكنهم الحصول على التغذية الكافية في العالم، من العواقب المميتة لكورونا 19.

  • مع توجه الاقتصاد العالمي إلى الركود، يبدو أن قطاعي الإنتاج الزراعي والتجزئة الغذائية في وضع جيد للتغلب على العاصفة لأن الناس يظلوا بحاجة إلى تناول الطعام وسيعطون أولوية إنفاقهم للغذاء. يمكن لمنظومة غذائية مرنة ومستدامة، بما في ذلك الأنظمة الغذائية المحلية والإقليمية، ضمان الفرص الاقتصادية لأعداد كبيرة من الناس وتمكين التعافي بشكل أسرع.

  • في أوقات الأزمات، تؤدي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في معظم أنحاء العالم دوراً حاسماً في ضمان استمرار حصول الفقراء والضعفاء، الأكثر معاناة دائماً، على فرص العمل والوصول إلى الغذاء. مع إغلاق أسواق المواد الغذائية والمطاعم في جميع أنحاء العالم، أصبح الملايين عاطلين عن العمل الآن. هناك حاجة إلى آليات أفضل لدعم هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة.

من المحتمل أن تتطلب تأثيرات أزمة كورونا إعادة بناء الاقتصاديات في جميع أنحاء العالم. يعد هذا تحدياً وفرصة لإعادة بناء شيء يخدم الناس بشكل أفضل، وسيتطلب رؤية والتزاماً على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. تتضمن بعض الخطوات الرئيسية والقابلة للتطبيق ما يلي:

  1. تحويل الأنماط الغذائية بشكل كبير نحو الأطعمة الصحية المعززة للمناعة مثل الفواكه والخضروات والبذور والمكسرات والحبوب الكاملة. سيتطلب لذلك حصول تغييرات كبيرة في أنظمة الدعم لدينا وممارسات الشراء التعليم وبرامج . إذا نجحنا، فسوف يقلل ذلك بشكل كبير من تكاليف الرعاية الصحية ويساعدنا على تجاوز الوباء التالي مع أفراد أكثر صحة ويحملون أنظمة مناعة أقوى.

  2. دعم النظم الغذائية المحلية والإقليمية القوية من أجل زيادة المرونة والوفرة. ويمكن القيام بذلك من خلال دعم حكومي أكثر فعالية، وتسوية المجال للشركات الصغيرة والمتوسطة، وبناء ممارسات الشراء التعاوني التي تدعم الأطعمة التي يتم الحصول عليها محلياً وإقليمياً.

  3. الحد من عبء نظامنا الغذائي على البيئة من خلال وقف وعكس زحف الزراعة على مناطق التنوع البيولوجي، ومنع استغلال الحيوانات البرية للاستهلاك البشري. من خلال التحول نحو المزيد من الأنماط الغذائية النباتية، يمكننا تقليل خطر انتقال المزيد من الأمراض حيوانية المنشأ، وبالتالي الأوبئة.

  4. زيادة الشفافية والتنسيق عبر سلاسل القيمة والحدود الوطنية لضمان توزيع الغذاء بكفاءة، وضمان أن الحواجز مثل حظر التصدير على أساس الخوف والتضييقات اللوجستية الناتجة عن سوء التنسيق لا تؤدي إلى الجوع وارتفاع أسعار الغذاء.

نأمل أن يكون الدرس الأهم من هذه الأزمة هو الاعتراف بأنه نظراً لأننا جميعاً جزء من نظام اجتماعي وبيئي واقتصادي مترابط، فلا يمكننا حل أي من مشاكلنا الرئيسية بدون عمل مجتمعي ذو أثر مشترك وعقلية منظوماتية.


المصدر:

Steiner, R., Ehsani, M., Milani, P., & Ruben, D. S. (2020, April 3). Five COVID-19 reflections from a food system perspective—

and how we could take action. Retrieved from the Rockefeller Foundation website:

www.rockefellerfoundation.org/blog/five-covid-19-reflections-from-a-food-system-perspective-and-howwe-

could-take-action/





٣٠٠ مشاهدةتعليق واحد (١)

أحدث منشورات

عرض الكل

1 Comment


kalaboodi
May 05, 2020

مما لا شك فيه ان رؤيتنا لغذائنا فى أعقاب هذه الأزمة يجب ان تكون مختلفة وان نقوم بتصحيح أنماطنا الغذائية بشكل لا يحقق الامن الغذائي فحسب وإنما ان يتم ذلك بشكل يأخذ فى الاعتبار تاثيرات انتاج الغذاء وتصنيعه وتداوله على البيئة. ستكون خيارات صعبة ان نقلص من المساحات المزروعة حماية للتنوع البيئى والحيوي فى الوقت الذى يزداد فيه عدد البشر فى العالم والمتوقع ان يصل إلى تسعة مليارات نسمة فى عام 2050 . المزيد من الأفواه يتعين إطعامها فى ظل مساحة زراعية تتجة للانخفاض فبالتالي لا بد من زيادة الإنتاجية فى القطاع الزراعي ولكن التحدي ان نفعل ذلك بؤسائل صديقة للبيئة، اى ان نقلل من استخدامنا للمبيدات والمحسنات والأسمدة وان نتجه إلى المحاصيل التى بامكانها احتباس الغازات الضارة فى …

Like
bottom of page